الاثنين، أكتوبر 31، 2005

"ليست هناك تهمة ضدك،ونوصيك بالصبر"

(1)
.....
:عزيزي كلايف
طاب يومك
اسمح لي أن أحيطك علما بأنني قلق على صحتي التي بدأت تسوء يوما بعد يوم.. ولا يخفى عليك أنه لا يزال الأسرى بخليج غوانتانامو الشهير بجولاج الجديد يعانون من ضعف الخدمات الطبية، فلا يكاد عنبر من عنابر السجن يخلو من آهات وأنين المرضى، ولا يزال نجيب المغربي يحمل يده التي كسرت خلال أحداث قلعة جانغي الشهيرة عام 2001.
أما الاكتشاف المذهل الذي توصل له فريق المتدربين من الأطباء والصيادلة بجولاج الجديد هو أن الماء دواء لكل داء. أجل الماء دواء لكل داء، فما من أسير يشتكي من مرض بدءا بنزلات البرد ومرورا بآلام الظهر وانتهاء بالحساسية بأشكالها المختلفة إلا وكانت وصفات الدواء جاهزة على لسان الصيدلي: اشرب ماء. يشتكى من التهاب اللوز: اشرب ماء، اشرب ماء حتى أصبح الحارس عندما يطلب منه نقل مريض من الأسرى للطوارئ يسارع بالوصفة الطبية: اشرب ماء.
يعاني جميع المحرمين من فرش الأسنان بسبب العقوبات الطويلة الأمد من آلام الأسنان. يظل الأسير أسبوعا أسبوعين يستدعي العيادة دون جدوى، يضرب عن الطعام، لا حياة لمن تنادي. أخيرا يطلب التحقيق ويقابل المحقق ويوعده ويتعهد له بالتعاون التام في التحقيق والإجابة عن جميع الأسئلة، ما يخصه وما لا يخصه، ثم من بعد يستدعيه الطبيب للعيادة ويقوم بالمهمة خير قيام، وبمنتهى الإخلاص يخلع له الضرس السليم ويترك له الآخر حتى يواصل التحدث في التحقيق.
غير أن حبيب التعذيا قد ضرب الرقم القياسي في التعاون في التحقيق ولا سيما أنه قد خلع له أربعة أضراس سليمة وتركت له الأضراس الأخرى!
أما الذي يعانون من أمراض العيون فحالهم لم يكن أفضل من سابقيهم، فمزيد من التعاون في التحقيق يتحسن نظرك وتصرف لك نظارة بلاستيكية العدسات للاحتياطات الأمنية، غير أنها لا تغني من جوع إلا إذا حالفك الحظ وكان بجوارك من يشاركك نفس الحال، وبكل تأكيد متعاون في التحقيق له نظارة تشابه نظارتك فعندها يمكنك استعمال النظارتين معا، وتصبح قادرا على قراءة المصحف الكريم. غير أن شيخ علاء المصري نظره ضعيف جدا، وهو يحتاج المزيد من النظارات حتى يرى أمامه.
أبو أحمد الليبي يعاني من مرض الكبد، وبعد جهد جهيد صرف له عدة أنواع من الدواء، وكانت حالته تسوء يوما بعد يوم، وعندما طلب منهم دواءه السابق الذي كان يستعمله قبل الأسر قال له الطبيب من غير حياء: الدواء الذي تطلبه غالي الثمن، وبما أنك معتقل فأنت لا تستحقه.
عبد الهادي السوري يعاني من مرض القلب غير أنه غير مستعد لعمل أي عملية جراحية بخليج غوانتانامو وخاصة بعد النصيحة الغالية التي قدمها له العم صالح محمد علي اليمني الذي أجرى عملية جراحية قبل سنتين ونصف لتوسيع شرايين القلب، وما زال يعاني من نفس الآلام، وأخيرا أخبروه بأن العملية لم تكن ناجحة.
عبد العزيز المصري اقتحمت عليه فرقة مكافحة الشغب داخل زنزانته وقامت بضربه حتى كسرت له فقرتين من العمود الفقري، وأصبح بعدها لا يستطيع الحركة. رفض عمل أي عملية جراحية خاصة عندما رأى حال مشعل الحربي المدني الذي أصبح بعد العمليات التي أجريت له لا يستطيع أن يحرك ساكنا، أما عمران الطائفي فكان عبرة لمن لا يعتبر، فقد أجروا له أكثر من 16 عملية جراحية في رجله وما زال يعاني منها.
ولي محمد الأفغاني اكتشف بعد ثلاث سنوات من المعاناة أنه مصاب بمرض السرطان وأن المرض في مراحله الأخيرة، ولم يخفوا عليه أن نتائج التشخيصات تقول إنه أصيب بالمرض أثناء فترة أسره، غير أنهم كانوا معه أكثر صراحة من السابقين، إذ أبلغوه أن الحكومة الأميركية قد رفضت علاجه وعليه أن يعود إلى بلده حتى يقضي أيامه الأخيرة مع زوجته وأولاده ويموت ويدفن في بلده.
ولم يكن حال مواطنه محمد علم بأحسن منه، فلقد أخبروه بأنه مصاب بمرض السرطان في الحلق وعليه أن يعود إلى أفغانستان.

هنالك شائعات انتشرت مؤخرا تقول إن التطعيم الذي كانوا يجبرون عليه المعتقلين في السنوات الثلاث الماضية ما هو سوى حقن أمراض تظهر بعد فترة مثل مرض نقص المناعة والعقم وغيرهما.

غير أن الحق يقال إن الجراحين يشهد لهم بالإخلاص والتفاني وإنهم لا يتأخرون في بتر أيدي وأرجل الأسرى العليلة والسليمة على حد سواء، ويشاطرهم في هذا الجهد الصيادلة الذين يصرفون بسخاء حبوب المخدرات الغالية الثمن لمن يعلم ولمن لا يعلم!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2)
....
وعندما أرسلت الحكومة مبعوثين لمساعدته،قالوا له: "ليست هناك تهمة ضدك،ونوصيك بالصبر"..
!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3)
....
(كلي أمل أن أبقى على قيد الحياة، وأرجوك أن تبلغ زوجتي وولدي أنني أحبهم).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:الجزيرة

ليست هناك تعليقات: