السبت، سبتمبر 02، 2006

شواردُ تُلتَقَطُ بالملعقة

(1)
قلتُ أن المبادئ لابد أن تكون فوق التطبيق العملي..والأسس لابد أن تكون أكمل من التطبيق،والأفكار حول الواقع بالطبع فوق الواقع
ولابد أن تكون كذلك..لأنها تنظم وتضع المعايير المثالية ..أو المقاييس المعيارية..
بالطبع لايعني ارتفاعها عن الواقع أن تكون بعيدة لدرجة الفصل والانقسام..وإنما تظل الأفكار أعلى لكي نظل صاعدين السُلّم دومًا..أو ليكون دومًا هناك مايجب انجازه ليصل الواقع لجمال أو كمال الفكرة
والوصول إلى كمال الفكرة ليس هو المطلوب أصلاً..إنما هي المحاولة
أن تظل تحاول أن تكون حركاتك موازية لأفكارك..لتتجاوزها بعد العمل والجهد،لتجد بعدها أن الفكرة لها امتدادات حُجبَت لاتساعها،أو لأنها لاتظهر إلى إذا تخطيت مرحلة وهكذا..
لذلك لا عيب في الفكرة إن انتقصها منفذها أو معتنقها..لأن طبيعة الفكرة أن تكون أكمل من التنفيذ..
فعدم ربطك لحزام الأمان تصرف بشري في مجمله،على مخالفته لقواعد السلامة.
___
(2)
في مَعرِضِ جواب مسكويه الفيلسوف على سؤال أبي حيان التوحيدي (ماالعلم؟)..كانت إجابتهُ تضم صورتين للنفس حيث هي مكانٌ للصورة،فكان يرى اشتياق النفس لملأ مكانها،فتحصيلُ المرءِ للصورة بحيث تكونُ في نفسهِ كما حقيقتها،هو العلم..بينما الصور المنقوصة للأشياء والمعاني ليس بعلم..
والنفس محل الصورةِ بمعنىً مغاير للشوق لتحصيلها عند آخرين..حيث يُعتَقَد أن النفس بها الصورُ مكتملة،والعلم إنما هو استدعاء للنسيان،ونفض لغبار المطموسِ..
هنا يحضر بورخس بعده بقرون ليؤكد هذا..نحن نعلم كل شئ..لكننا نسعى لتذكر مانعلمه
ربما هذا ماتقوله علوم النفس الحديثة المعنية بتطوير الشخصية ،والمبنية على امكانيات العقل الباطن واستغلالها..في الأغلب..
فالعقل الباطن هو مخزن الخبرة الجمعية منذ بدأ تاريخ البشرية،مخزن ردود الفعل الفورية،مخزن الدفاع وقت الطوارئ..مخزن لكل ماترى وماتسمع وماتشم..وماتمارس..
لديه كل الحلول المتوافقة مع أناك ،يدعم تفردك وتشوهك..وأنت الملك لكل هذا
لديك كل هذا..فابدأ باستغلاله..
هذه هي صيحة علم النفس الحديث
أو قل ربما لأنه محاولة لترتيب وتهذيب ماوجِد عن طريق الخبرات،والحكي،والتراث
ربما وصلة بين الميتافزيقا ومايُفترَض أنه الطبيعي من التصرف البشري
ربما فتح التقدم في مجال اللاسلكيات والحاسوب مجالاً لفهم النفس ،حيث تسمح بأن يقتنع الانسان (المُؤله لذاته) بما يصله كنتيجة لشئ لايدري بالضبط كيف يعمل..
___
(3)
قضية اللغة
قبل أن أحدد ..فربما أوافق الكوني في كون الكلمة دَنَس..لكن الكلمة أيضًا قُدُس
كُن
التي ننحصرُ فيها بكل مانجلبه من متاعب ومايُجلب لنا..
وكلام الله في كتبه
وعيسى كلمة الله
كَلِم
لا أنوي الخوض في الحيرة بشأن اللغة التي استلزمت لدي الكلمة ومعناها والحكم عليها
لكن ربما هي عصا بيد الراعي أو بيد الملك
وهي معيبة إذ نحن معيبين..فتعمم أو تختزل
الكلمة كالعين تستطيع أن ترى بها الأشياء فتكتفي بأبعادها التي تمليها عليك عينك/نافذتك..وتستطيع أن تجعل الأشياء أبوابًا لذواتها وماوراءها..فتتسع رؤياك ..وتظل العين في النهاية أداة وجسر لا حَكَمًا وقاضيًا
وهي تنبثق منك كيفما تفاعلت معها
ولاتخرج إلا لأنها دخلت فيك من قبل..قد تهذبها فتخرج منك باديةً أنها خلق جديد..لكنه _كما تعلم_لابد وأنها لم تخرج من العدم.

ليست هناك تعليقات: