الاثنين، يونيو 16، 2014

كل شيء هاديء في المنطقة الشرقية

لا يتكون العالم من الثنائيات القطبية وحسب، لكن المعاني تستبين بضدها.
وهكذا فهذا الهدوء الذي أعيش وسطه يستدعي الضجيج الذي كنتُ أعيش وسطه خلال الأعوام الثلاثة الماضية -على المستويين الشخصي والعام-.
كان العام (الثورة) مسيطرًا على الخاص، ودافعًا لثورات شخصية لا يكاد يفلت منها أحدٌ ممن شارك.
الآن بعد مُقامي في القاهرة مع أسرتي، آنسة ثائرة، وقد أكسبتني السنوات الثلاثة بقدر ما اكتسبته في عمري الذي يسبقه ربما، هأنذي أقيمُ في احدى مدن المنطقة الشرقية السعودية..حيث الهدوء الشديد، والأماكن المحدودة، والنظام، وحياة جديدة في بيت الزوجية.

فترت عندي الرغبة في الكتابة كثيرًا. وقت الفعل كنت أتعلل لنفسي أن الكلام دنس، وأن الفعل أغلى من أي كلمات أدونها. ثم لما كنت أود الكتابة عما أعيشه وأشعر به وأراه، كنت أقول أنه لابد أنه من غير المنطقي أن أحلل حدثًا ضخمًا نحن في وسطه..لأنتظر بعد أن ينتهي.

لكن الأحداث تسارعت، والحكايات تراكمت، وغطت الدماء كل شيء في الذاكرة، وماعاد لأي شيء معنى، لولا بقية إيمان بالله، وتشبث بالجميل. 
ما عادت الحياة تمثل إغراءً أود أن يقودني. صار وسط أعز أيام فرحي الدعاء بألا يطول عمري أكثر هو الأمنية الحقيقية.
ثم مع تفكر أجد أنه ربما كان هذا الإحباط الغامر يدل على حب مثالي للحياة، ورغبة في مفارقتها إذ لم تعد بالجمال الذي يعين على احتمال قسوتها.

ربما الأصح أن نعزوَ القسوة للبشر، لكني لم أعد أعلم الأصح بالقطع في أي شيء.
إنما هي اعتقادات مؤقتة طيلة الوقت، تناسب وعينا وإدراكنا للواقع في لحظة، فإذا تغير وعينا -وهو دائما ما يفعل- تغير اعتقادنا أو تفسيرنا للأشياء، وهكذا..في عملية مستمرة تبدو لا نهائية.

***

أكتب الآن بعد مقاومة طويلة. لأقاوم النسيان.
وربما لأقاوم بعد الآثار السيئة لما حدث. ولأجرب الحكي، لأخفف عن نفسي. فما أنا إلا قدم تطبع آثارًا على الرمال، فتمحوها الريح، فيا أيها الريح على سيعلم الذين من بعدنا أننا خطونا هنا؟


***

سأحاول المواصلة. لكني لا أعد بشيء.
هذه التدوينة كانت مفتتح مدونة جديدة بنفس العنوان هنا. لكن المشكلات التقنية حالت بين ظهورها. فلعله من الأفضل الحديث هنا. فلا شيء أخجل منه فيما مضى.
وإن كان هناك ما أخجل منه، فالعزاء أن النسيان يأكل كل شيء. فلا يبقى -إن بقي شيء- إلا ذكر لأسماءنا بجانب صفتين على الأكثر، يمكن أن تُفهم عند كل سامع بشكل مختلف.

ليست هناك تعليقات: