الأحد، مارس 25، 2007

تفرعات


لدي اعتقاد معين-أو قل فكرة واضحة معينة- عن وجود نسخ من كل فرد منا ،ليست نسخًا متطابقةً -ففعلاً لايوجد شخصين متطابقين تمامًا تمامًا -،لكنها نسخٌ متوازية،تتقاطع في الهوية فقط

مثلاً يوجد من أنا أكثر من أنا التي أسكنها،والتي أعيها ،وأعنيها عندما أخاطبك قائلة : أنا كذا-أنا فعلت-أنا سيرين- أنا سديم-أنا مريمة...الخ الخ

أحس بالـ(أنا)ـوات الأخرى ،أكثر مايكون في لحظات التفكير في اللاشئ،أو تلك اللحظات الممغنطة تجاه أفكار عامة جدًا غير مميزة،وغير صلبة..كأنها أفكار غازية

همم..ربما كانت كذلك..مجرد أفكار غازية
تؤ..هي أفكار فراغية مجوفة

المهم..أن أي (أنا) متقاطعة معي في إمكانية كونها (أنا) تنشأ أصلاً من سيري في طريق معين،أو اختياري لشئ أو فكرة أو مبدأ ضمن عدة اختيارات..

بمعنى : توجد (أنا) تجاوزت ظروف الثانوية بشكل أفضل،وحصلت على مجموع أفضل،ودخلت كلية لغات وترجمة أسباني،وهي الآن تأخذ دورات دراسية في معهد ثربانتس -الذي لم تعرف (أنا) التي أتحدث من خلالها عنوانه بعد-

وتوجد (أنا) حصلت على نفس مجموعي ،ودخلت لغات وترجمة (أردو)،وستسافر خلال عامين إما في رحلة أو لإكمال الدراسة بالخارج.،بينما (أنا) التي في آخر سنة في كلية العلوم،تكمل دراستها بتفوق،لأنها مازالت لم يغوِها الأدب،ولم يرادوها الشعر يومًا عن نفسه.

وهكذا..تفرعات لا نهائية من احتمالات لحركات أخرى اخترتها خلاف ما اخترته فعلاً،لينتج عنها شكل مختلف قليلاً أو كثيرًا أو تمامًا عن (أنا) الآن.

الأفكار هذه أحيانًا تراودني بلامبالاة مني أو منها،وأحيانًا توسوس بفحيحٍ لزج،وأحيانًا ببراءة لا تطول شيئًا أبعد من التسلية والتفكير في إمكانية الأمر،ومدى حقيقته..

يجب أن تفهمني بشكل أوضح..فهذا الأمر لا يأخذ من جهدي،أو من طاقة تفكيري،إنه يتخلل أفكاري الأخرى
أحيانًا كسائل..وأحيانًا كغاز ..أو شبح

كقطرة ماء تنزل على لوحة الألوان التي لم تجف فتؤثر بمكر لا يفسد اللوحة تمامًا ،ولا يمكنك من إصلاحه في نفس الوقت.

العجيب أنني كنتُ ميتةً العام الماضي-أو الذي قبله- بتناولي (ساندويتش بطاطس) من الجامعة،حيث كنتُ طالبة في الصف الأول من كلية الحقوق،طبعًا عرفت من عم جوجل العجوز الذي يعرف أشياء كثيرة،طبعًا قام منتدى الجامعة برش كلمات مؤثرة كثيرة،وجدت صورتها،الغريب أنني وجدتها صورتي
لا لمجرد الشبه الخفيف،ولا تطابق الاسم،بل شئ يجعلني أشك أنها صورتي .

دعوت لها بالرحمة،وأقمت لها مايشبه العزاء مدة تقترب من الأسبوع -هل سيتذكرني أحد أكثر من أسبوع!!!-
هذا العام وجدتني من الطلاب المقبولين في طب القاهرة،عائدةً من الكويت ،حيث كنت أعيش

هذا الخبر كان غريبًا،لكنه أسعدني،فها هي (أنا) أخرى تسير بخطىً واثقة نحو كلية كنت أود دخولها ،وربما تعرف (هي) عني أنني كنت أتساءل عن إمكانية الدخول في أكثر من كلية في نفس الوقت ،بكل جدية..فعندما أتحمس لشئ ،أو أفكر بعمق،أشعر بفراغ فظيع،كأني مجوفة بلا أحشاء وكل الفراغ يسحب للمركز/القلب أي فكرة نهايتها عظيمة بغض النظر عن التطبيق أو الجهد المطلوب -أنا لا اناقش هنا مدى صحة أو خطأ شئ ما-

كان لدي فكرة مبعث فخر،أنني حتى الثانوية لم يصادف أن يكون في أي فصل بنت لها اسمي
في الثانوية كانت هناك اثنتين باسمي،وبعد الاحباط برز لي بوضوح أنه إن كان وجد من له نفس اسمي الأول (سارة)،فإنه لن يوجد من له اسمي مركبًا (سارة عبدالناصر)..

لما أخبرني عم جوجل بموتي العام الماضي،بينما أسأله بعبث وطفولية،هذا العام بينما أسأله بجدية وبمزاج مكتئب ،أخبرني مقطبًا كمدرس صارم،أن مبروك يابنتي تم قبولك في طب القاهرة..

امم ..يبدو أن عم جوجل يعبث بي!

هناك 10 تعليقات:

CoonCan يقول...

وبينما تنتابني الفكرة ذاتها أحياناً, أطمئنُّ , أعني أنني سـ آمل حتماً , وبينما أكون في القاع أو مكسوراً , آمل أنني سأتسرّب منّي لأسقط في أحدهم بالخطأ, (باودولينو) الذي يدرس في بولونيا أو عبد الرحمن أو الآخر الذي يقطن الآن في برج أو يجوب أوروبا أو آسيا , كل الصاخبين الذين كنتهم بشكلٍ وهمي , سـ أطمئن لأن هناك شق يسقطني داخلهم فـ أمشيهم أو يدخلهم ناحيتي لإصلاح ما اقترفه كونكان .

Malek يقول...

شابورة انتي قريتي بورخس؟؟؟
معظم شغله بالشكل ده
عنده بورخس وانا عن مقابلته لروحه
وعنده كمان
حديقة مفترق الطرق عن تعدد الطرق التي تؤدي لمستقبلات متوازية ومتعددة تعاود التقاطع بعدئذ
وتتفرق
طبعا كلامه مبني على افكار كتير نلاقيها عند اينشتاين و هوكنج وشرودنجر وهايزنبرج وكلها لها اصلها في فيزياء الكم بتاعة ماكس بلانك وتلامذته
بس بورخس استاذ طريقة الكتابة دي
تحياتي يا شابورة
حلوة جدا القطعة

Mist يقول...

كونكان :
:) كنا في نفس الواحة العقلية إذن،يثريني التطابق والتقاطع معك .

-
د/أسامة:
بورخس. أحد تمائمي أساسًا في الكتابة.
أحب القراءة له جدًا لأنه يحفز تفكيري ويلمس نقاطًا بعيدة في الداخل ،أضف طريقة تناوله لكل هذا بما يشبه اللعب أو هو اللعب بعينه .
-
نقطة التفرعات التقت مع مايقوله بوزان -والذي قرأته قريبًا- من ان العقل ليس بمحدودية الحاسب مثلاً في أن المُخرَج يساوي المُدخَل أو ضعفه فقط..بل إن العقل يعمل بفاعلية الحفز..أي أن المدخل يخرج كناتج عقلي بتفرعات لانهائية ،شئ كالذي أسميه (الكلمات الثقيلة) أي الخلفية التي تكمن وراء كل كلمة..بمعنى لو لعبنا لعبة الكلمات ،كل كلمة اكتب أمامها ما تبعثه في ذهنك ،فيمكنك أن تستمر في هذا طويلاً..هذا بخلاف الروابط بين كلمتين ..
قصة طويلة يعني ،ولعبة ربما اسمها الابداع /الذكاء/الذاكرة.

Malek يقول...

صباح الفل فين الشغل؟؟
انا بهزر طبعا
بورخس بالاسبانية اجمل كثيرا وخصوصا ان ترجماته العربي معظمها بالمكسيكية الاصلية
يعني ترجمة زي ترجمات التلينوفيلا بتاعة خوانخو وخوانيتا في خوادلا خارا
انا ترجمت له عن الاسبانية مجموعة حديقة مفترق الطرق بس ما اتنشرتش
يمكن عشان مبعرفش مكسيكي
بس حقيقي بورخس كتابته مذهلة وخصوصا على مستوى اللعب زي مابتقولي ياشابورة
يعني اليانصيب في بابل او مكتبة بابل او بيير منار مؤلف الكيخوتة او الخنجر او حتى تاريخ الاجرام
تعرفي في مقدمة

المجموعة القصصية حديقة مفترق الطرق بيكتب عن ان كتابة الرواية عمل ممل بلا معنى وان الافضل تخيل رواية وكتابة نقد عنها
وده بالضبط اللي حاول يعمله في هربرت كوين
برضه بتدهشيني يا شابورة

قبل الطوفان يقول...

هذه الفتاة تجمع بين بورخس وبعض من ماركيز.. فلا يوجد واقع وإنما واقع افتراضي أو متخيل بصور ومستويات متعددة

ولأن الدكتور أسامة حدد بالضبط نموذج بورخس الذي تقتربين منه كثيراً في هذه التدوينة.. فإنني سأكتفي بأن أقول لك إنه نص جميل وعنصر التجريب فيه ثري..نص أعدت قراءته أكثر من مرة إعجاباً بأسلوبك

ayman_elgendy يقول...

حديثك شيق بالفعل....تتحدثين عن تعددات الأنا وما تتبعه من التفكير من تسلسل المسببات والنتائج فلكل سبب تريليون من النتائج المحتملة التي دوما ما ننشغل بها علي النطاق الشخصي والفردي ...الأنسان قد يتعرض لفرصة السفر مثلا ويجد نفسه حائرا بين السفر او الاستمرار في معيشته التي اعتاد عليها وعندما ينظر للأختيارين يجد الاف التفرعات فقد يختار السفر فيجد صعوبات في استخراج الفيزا او اعداد النقود اللازمة للسفر فيرجع بعلقه للتفكير في عدم السفر والاستمرار علي وضعه ولكنه في الأساس غير راض عن معيشته الحالية تلك....تلك الأختيارات التي توضع امام الانسان والتي قد تعوقعا او تذللها الظروف المحيطة هي سبب الحيرة والقلق علي المستوي الشخصي فيما أري....وأذا نقلنا الحديث من مستوي التفكير المستقبلي الشخصي لكل أنسان لمستوي التفكير المنهجي والذي قد يضعه بعض من انتابهم الهم المعرفي بالبحث عن منهج للتفكير العمومي في كافة المسائل المعرفية كأعتناق مذهب فكري مثلاً او البحث عن الخروج من الخطاب التقليدي الشائع في مجتمع ما سيجد المرء نفسه ايضا في حيرة الألف أنا فأنا حائر بين ألف ألف فكرة وطريقة ومنهج لذلك نجد الحل في أما اعتناق الفكر الموافق لأحكامنا السبقة ونريح انفسنا من عناء البحث والحيرة المعرفية او الدخول في مزيد من المتاهات الفكرية والتشعبات والتي قد تزيد الأنات الداخلية فهناك أنا تميل للعادات وأنا تخشي التكسير معتقد ديني ما وأنا تنظر وتتأمل الفكر الغربي..أنا تعشق الحرية....أنا تخاف الحرية....وهكذا

عذراً للأطالة

تحياتي لكي ولضيوفك الكرام خصوصا دكتور اسامة المثقف الموسوعي الحاضر دائما وأخي العزير ياسر ثابت

Mist يقول...

يا مراحب :)

د/أسامة ،ماتتخيلش انبساطي وحضرتك بتتكلم عن إن التأثر ببورخيس ونظرته والكلام ده..
فعلاً هو كان بيشوف الرواية عمل ممل،عشان بيشوف إن في أي رواية مهما بلغ التكثيف في نوع من الحشو..

أول مرة على فكرة أعرف موضوع المكسيكية ده..
هي لهجة ولا حاجة زي american english و british english؟
-
أستاذ ياسر:
سعيدة لاعجابك فعلاً..
وحديثك دومًا يجعلني أتمنى أن أكتب بتحسن أكثر.
-
أيمن الجندي:
بالفعل عن تعدد الأنوات ..لكن ليست مجرد كتسلسل التفكير في خيارات مفترقات الطرق..الفكرة إن في كل احتمال مطروح أمامك يوجد عدد ضخم فعلاً من الإمكانيات..
بمعنى في مثالك الخاص بالسفر..قد تقرر أن تفعلها أو تقرر ألا تفعلها..وإذا فعلتها (سافرت يعني) قد تنجح وقد تفشل..والعكس صحيح..أضف لتفرعات نوعية النجاح والفشل..
الفكرة ممتعة أدبيًا وفكريًا،وفيها شعور بمدى حرية المرء،لكن على المستوى التنفيذي..المرء يختار طريقه بقرار ينبع من طريقة تفكيره وتفضيلاته وإيمانه بذاته قبل الإيمان بأي فكرة،بالتالي اعتقاد الشخص واختياره لمذهبه الفكري هو أساس من أساسات إنسانيته ورقيه..

بالمناسبة التفكير المجرد بقدر مايسهل تناول الأمور،قد يعقدها بحيث يبدو أن الأصل الفصل بين الفكر (فكر الأبراج العاجية) وبين الواقع والتنفيذ.وهذه مشكلة لا نتمنى الوقوع فيها.

-

أتنور بوجودكم جميعًا،ويتعطر فضاءي :)

Ossama يقول...

نرجع لبورخس يا شابورة في قصته التحفة حديقة مفترق الطرق يقدم تفسيرا لفكرة المستقبلات والتعددية والعوالم الموازية الخ بالرغم من انها قصة بوليسية
المهم
بتسأليني
عن المكسيكي يا شابورة مش عارف اقول لك ايه
انا بهزر هي كلمة من اختراعي لوصف لغة الكلام التي يستخدمها بعض الصبية من المـتأسلمين ويحاولوا يتكلموا بالعربية التي يعتقدون انها فصحى
تشبه بالظبط المسلسلات المكسيكي
زي ماريا مار وخوان الغول
المدبلجة بالعربي
بلغة ركيكة مقرفة
فسميت اللغة دي المكسيكي
والمكسيكي الفصيح طبعا هو اللغة المعتمدة للترجمات في العالم العربي
آدي ياستي الحكاية
مادام حتدوري على توماس مان يبقى لازم تقري الجبل المسحور
و يوسف واخوته
ودي على فكرة مهمة جدا لحوارنا وموضوعنا
تحياتي ياشابورة

Mist يقول...

:)فهنت!

هي فعلاً تغيظ..بس في جزء منه(أحيانًا) أعتقد بيرجع لجنسية الشخص اللي بيترجمها للعربي..في كلمات معينة كده بتشيع في بلد عن بلد
وفي بقى كلمات زي العوينات،أيها الوغد،اللعنة!
:)) كده يعني

بخصوص مان فإن شاء الله في أقرب وقت

Ossama يقول...

بس زي ما قلت لحضرتك يا شابورة
اصلها كلام الشباب المتنيل بنيلة فاكر انه بيتكلم عربي فصيح ويستخدم كلمات ما انزل الله بها من سلطان ولذا لزم التنويه