السبت، يونيو 20، 2009

في الحنين وفضل النسيان


(0)

في هذا السكونِ ،أسبحُ.في هذا الفضا أخفُّ -أرِفُّ- أستدقُ ريشةً يُسيّرها النسيمُ.
قالت الريشةُ للنسيمِ : متى أستريحُ من التأرجحِ ؟ ،قال النسيمُ : إذا كففتِ عن الذكرى.

(1)

هوُ قربي،نرقبُ حشرةً عجيبة الشكلِ،باهرةَ الألوان،على كرسي واحدٍ طويلٍ،نسندُ ذقنينا على مسندهِ مراقبين بدهشةِ الأطفال،تحت شجرةٍ يشدها الهوا تارةً للأمامِ ،وتارةً للخلف،يكاد ورقها ينخلع من فروعه،إلا أنه يبقى ،وتسقط الورقات العجائز.

هو قربي،ومابيننا دفٌْ،وماحولنا بردٌ.
هو قربي،وعلى ذراعه أسقط الهوا نحلةً.هو قربي ،وأنا أمدُّ يدي البردانة بتلقائيةٍ،أنفض النحلة من ذراعهِ.سقطت النحلةُ.وجرَت يدي المرتجفة،البردانة،الحرّانة لتسقط جانبي.سقطت عينيه على يدّي -خجلتُ- فخبأتُ يديّ تحت اليدِ الأخرى.

هو قربي،وأنا قربه،والدفءُ بيننا،والبرد حولنا،يديهِ على الكرسي،ويديَّ بالقربِ -بالأُنسِ- على الكرسي،وعيوننا مع النحلةِ.
النحلةُ تترنح مع النسيمِ ،ونحنُ نترنّح مع..النسيمِ..(آهٍ من النسيمِ).

(2)

لا أنظرُ إليه بعينيّ وسط الجمعِ، لكن القلب ينظر.
لا ينظرُ إلى وسط الجمع ،لكن القلب ينظر.
فإذا التقت العيونُ،ولجنا داخل الكلامِ،وراءَ الأخبارِ الصغيرة،وراءَ "كيف الحال؟"، كيف الصحةُ؟" ،" تُرى هل....؟".فإذا جاء قربي واستراح،ولفّهُ النسيمُ حولي بالأُنسِ ،مدّ يدهُ وراءي يضمُّ النسيم،وكأنه....كأنهُ..
فإذا استدفئتُ ،قلتُ : " ألا من مزيد؟" ،فرجعتُ بظهري لمسند الكرسي الطويــلِ،البــَرَاحِ،الحنونِ،كاتمِ السرِّ..فلما وصلتُ حتى ذراعه ،جناحَ النسرِ،ينتظرُ ،-اشتعلَ النسيمُ نارًا،فطار النسرُ ،ووقفَ،وتعلقتْ عينيهِ بي،وتعلقتُ بجناحي النسر ..وصرتُ خفيفةً..رهيفةً..ريشةً يتعابثًُ بها النسيمُ طيلةَ الحكايةِ التي تحكي نفسها.

(3)

أمامي تتعلق عينيه بالجميلةِ. أرقبُ. أفهمُ . أُكَذِّبُ نفسي.
أمامي يسحبُ الدفءَ بيننا تجاهَ الجميلةِ.أرتجفُ.أفهمُ. أصدق نفسي.
أستجدي النسيم أن يكفّ نميمته. (آهٍ من النسيمِ)، ليس له إلا أن يحكي ويحكي،وليس لي إلا أن أُنصِتَ ،وأكبرُ..أكبُرُ.

وبينما أنا عجوزٌ،تغضّن جمالي ..عينايَ مع النسيمِ الباهتِ،الباردِ بيننا،الدافئِ حولنا.
وبينما الجميلةُ،تنضّرَ شبابها..عيناها في عينيهِ مع النسيمِ الدافئِ بينهما،الباردِ حولهما. لا يسعني إلا أن أرِقَّ-وأرِقَّ ريشةً..أحومُ حولهما،وأهوي..
أهوي
أهوي..
ثم إعياءً أسقطُ - أفتحُ عينيَّ- أجدني بكفهِ-التقطني.
نعومةُ الريشةِ/اللحظةِ -نفحةُ العطر القديم ،تُديرُ عينيه باتجاهِ عينيَّ،باتجاهِ النسيمِ الذي -للحظةٍ- هو دافئٌ بيننا،دافئٌ حولنا
.

______________________
Joakim Kræmer الصور للفنان الصغير


هناك 6 تعليقات:

غير معرف يقول...

أي ماءٍ هذا؟

بديع

غير معرف يقول...

Mist
أنتِ رائعة. هذا النصّ فيه من الصدق والعمق والحميمية الشيء الكثير. قرأته مرّتين واستمتعت به كثيرا. أحسدك فعلا على لغتك الشاعرية وأسلوبك البديع.
وأهنئك على ثوب المدوّنة الجديد. الخلفية والصور والألوان تدلّ على إحساس مرهف وذوق جميل. حضور الأزرق مذهل. وجدت نفسي فيه.
مودّتي لك.
بروميثيوس

روز يقول...

"دافئ بيننا، دافئ حولنا"
..
ثم "الهوا" بدون همزة.. و"النسيم.. آه من النسيم" ..

جميلة جدا، مؤلمة.. لكن جميلة

أجدتِ التصوير والوصف، حتى شعرت بالبرد حولنا، والدفء بيننا، كما تقولين :)
...
سلمت يداكِ حقا
...
الصور تليق جدا مع خلفية المدونة، وهي حساسية قلما صادفتها :)

Mist يقول...

ايمي..هذه الابتسامة الهادئة تعني الكثير..صحيح؟
-
المجهول:

نسيمك يقول أنك من بلاد أعرفها.

Mist يقول...

العزيز بروميثيوس :)

أي فرحة جلبتها لي بكلماتك،ورأيك.فعلاًأعتز به جدًا جدًا.

وسعيدة بحضورك يُنَوّر مكاني.
لك خالص مودتي.

Mist يقول...

حنين،حنين :)
سلمتِ..والشكرُ لرأيكِ،أسعدني أن ماكتبتُ والصور أعجبتك..وأتمنى أن تكون دومًا جديرة بذلك.