السبت، ديسمبر 30، 2023

38

بعض الأشخاص أتحمس للغاية للدفاع عنهم عموما، وإن نالني منهم أذى - طالما في نطاق تحملي-. ما إن أرى فيهم خيرًا أو عطفًا أو مجاهدة وحبًا للآخرين حتى أسارع في الدفاع عنهم أكثر مما أدافع عن نفسي أحيانا.

عندما أهدأ من حماستي، وأفكر في تشبثي بالدفاع الحار عمن أحببتهم خصوصا أو رأيتهم جميلين، أرى الأمر في صورة واضحة في ذهني كأني وسط الطوفان أرفع هذا الشخص لأعلى ما يمكنني، وأجمع من أفعاله وأقواله كل الأدلة على جماله الفريد، أرفعه عاليًا كأنه إن نجا سننجو جميعًا. وكل أخطاءه هي جوانب من إنسانيته المغفور لها. ولا أعرف فعلا متى سأُشفى من الأمل في الناس؟

بالطبع أريد أن أنجو وينجو الناس جميعًا. وببساطة أرى العالم قاسيا ومليئا بالوحشية، وأن يركز المرء على الجمال في الناس والكون هو مايخفف وطء هذه القسوة، ويعين على المواصلة حتى يحين الأجل.


لكن ماذا لو أنني من يبحث عن النجاة؟ ماذا لو لم يتقبل الشخص نفسه دفاعك ولا يريده؟

ماذا لو لم يراكَ كما تراه؟ أو يحبك كما تحبه؟ ماذا لو رأى نقصك ولم يرى اكتمالك؟

لا ينبغي أن يحزنني هذا، ويشعرني بالأسى. فهناك شعرة بين أن أحب للآخرين ما أحبه لنفسي، وبين أن أحب الآخرين لكي أحب نفسي، أو عوضًا عن حب نفسي التي لم أعرف كيف أحبها.

أظن أن حبي الصادق للآخرين إن حميته من احتياجاتي سيظل نورًا لي في الطريق. فإنه إن ساءني ألم يبادلوني فهذا انجذاب النفس تبحث عن تلبية حاجتها. ولا عيب أو تهمة في الاحتياج، العيب أن أحمّل غيري أدوارًا لم يختاروها بأنفسهم طائعين. 

***

وكلما أحببتُ شخصًا، فأنا أحب نفسي مع هذا الشخص. فإن فقدتُه فأنا أفقد نفسي التي كانت معه. لذا إن أحزن عليه فأنا أحزن على جزء مني أيضًا (لا ينقص من مقدار الحزن على المحبوب نفسه شيئًا).

وكل هذه الأحزان تنقلب أفراحًا قلبية بالدعاء بدوام الخير والمحبة والسلام لمن غادرونا وغادرناهم. ولمن قابلناهم ولم ننعم كفاية بالوصل معهم. (وبعضهم لا ينالُ المرء كفايته منهم مهما طال الوصل)، وبالدفاع عن حقهم في أن يكونوا محبوبين وسعداء وآمنين مع أي ممن يختارون، وبالطريقة التي يختارون.

هذا حال الدنيا. وسبحان من له الدوام.


ليست هناك تعليقات: