الجمعة، يونيو 11، 2021

محاولة 1

 منذُ كتبتُ بشكل واعٍ كتعبير عن النفس، كانت الكتابة هي محاولة للتواصل والتفكير. 

أدركتُ ذلك بعد محاولات كثيرة للإجابة على السؤال المتكرر الظهور لماذا نكتب؟ -أو شخصيًا لماذا أكتب أنا-.


لم تمثلني إجابة مثل (أكتب لنفسي)، فأنا بالفعل أكتب لنفسي إذا احتجت في دفتر يوميات أو ما شابهه، ولا تُعد هذه الكتابة صالحة لأن يراها أحد غيري. 

ربما في مرحلة ما من عشريناتي كنت أخلط بين هذا وذاك، فأنشر ما ينبغي أن يظل لعيني فقط، وأجْبُنُ على تهذيب ما يمكن أن يُنشر.

 

لا أندمُ على هذا، فهي مرحلة ربما كانت حتمية لتطوري. إضافةً أنه لا فائدة من الندم على أية حال. تمضي الأيام رويدًا رويدًا، ويهدم التأجيلُ صروحًا خيالية تشي بالعظمة، وتُميتُ ما تتصور أنه سيكون جزءًا من حياتك أو نفسك التي تريد.

***

 وقت الثورة التي مر عليها أكثر من عشر سنوات، كنت أظن أن الكتابة عما يحدث يوميًا تعجلٌ وأقلُ أهميةً من الفعل. فأكثرت من الفعل قدر طاقتي، حتى لم يعد لذلك نفسه أهمية.

والآن أعيش حياةً عادية تمامًا، تدهس فيها الواجبات الأيام، وتسلمك الساعة لأختها، والسنة لما يليها، إلا أن يقضي الله أجلًا كان مفعولًا.

لم أصبح كاتبةً فعلًا لأني لم ألتزم بالأمروأسباب أخرى غير مهمة. 

كل حيٍّ يعالج ما يرى بطريقته. وقد توقفت عن الكتابة تمامًا -حتى الشخصي منها- لسنوات، لمجرد التعامل مع ألم تجارب خاصة، وقد أدى هذا الانقطاع وظيفته.

أتصور أنني إن رسمتُ أو صنعتُ بيدي شيئًا مفيدًا جميلاً، سيكون ذلك تقديرًا ماديًا عمليًا للجمال ولنعمة الحياة. وأنه قد يرضيني أكثر من كل الأفعال اليومية البسيطة المتعلقة بالعناية بالبيت والأسرة. لكنها مجرد تصورات. فمن يحدد لنا قيمة الجمال والتقدير والرضا إلا أنفسنا؟ ومن يغير قيمة كل هذا إلا تعاملك مع تجاربك وحوداثك اليومية؟

لم أجمح أفكاري ومشاريعي من قبل في رأسي، ولو بالبدء في مشروع ما أرغب فيه والصمود حتى يكتمل. لكن الأيام تقوم بواجبها الطبيعي في دفن كل ما لا تعتني به.


***

عندما جئت لأكتب هنا، كنت أود الحديث عن حدث كبير في حياتي مؤخرًا، وعن أفكار ظننت أنها ستكون واضحة، ومفيدة لمن قد يشعر بمثل ما أشعر وتتوه منه الكلمات وطرق التعبير، فتُطبِقُ المشاعر والحوادث على صدره، فربما يجد في بعض الكلمات عزاءً وسلوى.


لكن العهد بيني وبين الكتابة كتعبير وتواصل بعيد الآن. سأحاول استعادته، لمدة 36 يومًا، لأني قاربت على الوصول لهذا السن، وهو مجرد رقم يفيدني في تحديد عدد الأيام التي سألتزم بها في هذه الكتابة.

ولأني أحاول مساعدة نفسي على المُضي في هذه الحياة. 

على كل حال، ليس متوقعًا أن يقرأ ما أكتب أحد، ولم أكتب أصلًا حتى الآن إلا ما يفيد بأني حية ومهتمة بالكتابة وبالتواصل، وأسعى للالتزام به كنوع من التقدير للمحاولات والمثابرات، وبس.


ليست هناك تعليقات: